]شعار المؤمنين ودليل المتقين

**--نجمة الونشريس--** الجمعة مارس 09, 2012 2:21 am

شعار المؤمنين ودليل المتقين

الإخلاص لله شعار المؤمنين، ودليل المتقين، وسراج على الصراط يوم يقوم الناس لرب العالمين، فمن رزقه الله الإخلاص في الأعمال والأقوال؛ فقد أحبَّه وهدَاه، وأرْشَدَهُ واجْتَبَاه، وأراد به خيرًا في الدارين.
والإخلاص في الأعمال سر النجاح، وطريق العُلا والفلاح، وهو في الأفعال رمز المتقين، وأمان الخائفين، وفي الأقوال نور الأمم، وباعث الهمم، ومطهِّر الذمم، رفع الله به أقوامًا درجات مع قلة أعمالهم، وكتب لآخرين الأجر والمثوبة مع ضعفهم وعجزهم عن العمل، فكم من عمل صغير تكبّره النية، وترفعه مقامات، فامرأة بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل وجدت –كما في صحيح البخاري[1]- كلْبًا يلهث من شدة العطش، فرّقَّ قلبها، ولانَ فؤادها، ودفَعها إخلاصُها أن تنزل البئر، فتملأ مُوقَها ماءً، فتحمِله بفهمها وتسقي هذا الحيوان.
امرأة بغيٌّ، علم الله صدقها وإخلاصها، فشكر لها صنيعَها، فغفر لها، إنه عمل صغير، وعند الله عظيم بفعل الإخلاص، بل قد يعجز العبد عن عمل صالح يتمنّاه، لقلة ماله، أو ضعف صحته، وقلة حيلته، فيكتب الله له الأجر ما نواه، قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (رَجُلٌ آتاهُ اللهُ مَالاً وِعِلْمًا، فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ، يُنْفِقُهُ فِي حَقّهِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالاً، فَهُوَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ هَذَا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ الَّذِي يَعْمَلُ، فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه[2].
إن اللذات التي تتشهَّاها النفس، إذا صاحبتها النية الصالحة، والهدف السامي النبيل، تحوَّلت إلى قُرُبات، فالرجل يُواقع امرأته يُريد أن يحفظ عَفَافَهما، ويصون دينَهما، له بذلك أجر ... (أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟)[3]، نعم.. قالها عليه الصّلاة والسّلام، إنه الإخلاص، يسمو بالشهوة ليحقق معها أهدافًا نبيلة، ومعاني سامية، فهو قضاء للوطر، وعبادة لرب البشر.
فهل يعي المسلمون أهمية هذا الركن الركين والعمل القلبي العظيم، فيجتمعون على مائدة الإخلاص، وينطلقون من قاعدة الإخلاص، ويسيرون على درب المخلِصين، ليكونوا عباد الله المخلَصين.